ما الذي بيني وبينكِ لأزوركِ يومياً؟
أنجذِبُ إليكِ، أجدُ فيك ما لم أستطع أن أبوحُ به علىٰ الورقِ، عندما تتوهُ كلماتي ألجأ إليكِ كالطفلِ الذي يحتاجَ والدته، أستجمِعُ كلماتي ونفسي معًا في حجرتك، أشْعُر وكأَنّ كل الكتب هاهنا أصدقائي الذين لا أفارِقَهم، أستأنِسُ بمجالسَتهم، وأحدثهم بحديث قلبي.
أنتِ هي أُنسي، وآنستي ومُآساتي، أنتِ عالَمي ومعْلَمي ومكانِي، أنتِ التي تَحتوي أفْكارِي وآهاتِي وفرَحي وسعادَتِي، أجِدُ فيكِ عالمًا آخر يملئُهُ الهدوء والسلام، أسترزِقُ منكِ الإيجابية التي أحتاجها عند ألمي وهمّي، أختارُ كتابًا يليقُ بِوجعي أحتَسي معهُ فِنْجانَ قهوَتي المُرة لِتنسيني مرارةَ الحياة.
علىٰ مكتبي أتصفحُ الكتابَ وكأنهُ يعلمُ ما يجري بداخلي، أتحاوَرُ معه ويتحاوَرُ معي، يعطيني أجملَ الكلمات، وأشردُ بصفحاتِه أحاوِلُ إفراغَ غضبي بهِ؛ لٰكنّهُ لطيفٌ بما يكفي ليحتويني،
لا تكن لطيفًا فإنَّك تُذَّكِرُني بِمحبوبي الذي خنتهُ فإنني أندمُ ندم العاشق، أصبحتُ مخبولًا بسببِ فراقِه لي، كان جميلًا بما يكفي ليزيلَ همي، كانَ دوائي، والآن أصبحتُ آتي إلىٰ المكتبة، تكونَت من أساريرَ الكتُب صورة لك أحاوِلُ نِسيانك ولٰكنّك تظهرُ لي من جديد، وكأنك ما زلتَ تُريدُ عِقابي، أعترِف بذنبي اغفر لي يا سيِّدَ قلبي، دعني ألهو في مكتَبتي ومعَ كِتابي بهدوء، ودّعني وارحَل بعيدًا عن ذاكِرتي واتركني وحيدةً بين كُتبي على أمَلِ نسيانك، ونسيان ذنْبي.


