أهكذا تجازي تصوُّفي بك؟
لم يعد لديَّ رفاقٌ يشاركونني الطَّاولةَ في الجوِّ الممطر، أو يرددوا لي الأغاني حينَ أحزن، لم يعد لديَّ من يواسيني في غضبي أو يفتحُ صدرهُ لي كي أفرغَ فائضَ قلبي وأشتمهُ وألكمهُ ثمَّ يبتسمُ لي، لم أعدْ أملكُ قروشاً حتى كي أشتري أحضانهم الدَّافئة، جيوبُ قلبي اهترأت ممن نهبَ هشاشتها، لم أعد قادرةٌ على حملِ رفاقي فيها فقد ثُقبت، أنفقتُ ثمنَ الأحرفِ في سبيلكَ..
أخسرتهم لأرضيكَ ثمَّ غادرتني؟
أغادرُ مخدعي كي أبتلعَ دوائي فقط، ثمَّ أعودُ لهُ بذاتِ الخيبةِ التي لا تفارقهُ مهما بدَّلتُ جهتهُ أو وسائدهُ، يبدو بأنَّ الخيبةَ في قلبي، باللهِ عليكَ لما اخترتني؟
ضيَّعتُ دلالي حينَ لم أجده، وخسرتُ ثقتي في لعبةِ الكبرياءِ معك، ذبلتُ جدَّاً وما خبَّأَ الكُحلُ كسرةَ خاطري، حتى عائلتي تنهكني بسؤالها عن نبرةِ صوتي النَّاشزة، لم أعدْ قادرةً على الغناءِ لك، صوتي صوتُ الأحدبِ المخذولِ الوحيدِ دوماً، أنا يومها قد قرأتُ لكَ القصَّةَ كي أؤنسكَ لا كي تحوِّلني لهُ أو ترميني بسوادِ بدايتها، لماذا تُهملني؟
ماتت نرجستي هذا الخميس، شيءٌ ما قد اقتلعها حينَ أسقطَ حوضها الفخَّاري، ضيَّعتُ هرَّتي أيضاً، حلمتُ بأنَّكَ تخونني مع صبيَّةٍ قد كانتْ صديقتي، اشتدَّ مرضي وغضبي وحزني ولم أجد وجهاً واحداً أشكو له، اتَّصلَ بنا من فعلَ ما تفعلهُ بي هذهِ الأيَّام، كسرتُ هديَّتكَ بصحنٍ مفضَّلٍ لأمِّي، وكلُّ البردِ يختبئ في مخدعي.


