لا.....مواطن
أعلمُ أنَّني على هامشِ سطورِكم ملحوظةٌ حمراءْ
و أنّني لستُ سوى ذبابةٍ تزعجُ أنوفَ أحلامِكم...
و أنّني هواءْ و أنّني البهلولُ متى تشاؤونَ
و أنا النّاطقُ الرسميُّ لكمْ في مراسمِ العزاءْ
أعلمُ أنّكم يا سادتي تارةً تروْنَني قصيدةً
و تارةً حذاءْ
و تارةً تتعطَّرونَ بعطرِ إهانتي
تتنكَّرونَ خلفَ قناعِ بلاهتي
تتناسلونَ تتكاثرونَ في عروقي و الدِّماءْ
فأرى الكونَ من كوَّتِكم و أرى الحياةَ فيكم و الفناءْ
و أَقضِمُ خبزَ شعاراتِكم أُدندِنُ ألحانَ أكاذيبِكم
على مسامعِ الرّضيعِ كي ينامَ في هناءْ
لا تلوموني إذا بكيتُ
لا تقولوا إنّهُ ليسَ تلتقي الرُّجولةُ و البكاءْ
بلى...نحنُ روحٌ تطفحُ بالدُّموعِ
و إنْ شئتمُ نحنُ وجهٌ آخرُ للنساءْ
و ماذا يفعلُ المقهورُ يا سادتي النُّجباءْ؟
حينَ تكونُ الحياةُ و الموتُ في عينيه سواءْ
ماذا يفعلُ المقهورُ حينَ تطحنونَ صوتَهُ ثمَّ تسكبونَهُ خمرًا في ليلةٍ حمراءْ؟
ماذا يصنعُ المقهورُ حينَ تسلخونَ لحمَهُ عن عظمِهِ ثمَّ تقولونَ لهُ( أنتَ في وطنِ الكرامةِ و الإباءْ)؟
ماذا يصنعُ المقهورُ حينَ يرى رغيفَ الخبزِ قمرًا؟
و تصبحُ حبَّةُ التّفاحِ كوكبًا في الفضاءْ؟
كيفَ يسمعُ المقهورُ أنينَ طفلتِهِ ثكلى الدُّمى ثكلى الشّرابِ ثكلى الغذاءْ؟
إزميلُ أنينِها لا يفتأُ ينقرُ ليلَ ابتهالاتٍ يردِّدُها بصوتٍ عاجزٍ
و عينٍ معلَّقةٍ إلى وجهِ السَّماءْ
يداهُ مكبَّلتانِ كمنحوتةٍ من بازلتَ
وقفت على أرضِ الحياةِ تدعو للسّادةِ بطولِ العمرِ و حُسْنِ البقاءْ
أَتنكرونَ عليهِ دمعةَ أرقٍ؟
لحظةَ عتقٍ من الخوفِ؟
لا تكادُ تأتي حتى تمرَّ كأشباحِ المساءْ
أثقلَ القيدُ هذي الرُّوحَ
فأتَتْ إلى اللهِ تشكو ذلّها
فدلَّها
لعلَّها الآنَ اهتدَتْ إلى دربِ الخلاصِ
من الشّقاءْ ======================
#د.عبد المجيد المحمود#


