بقلم نوال أمومة
لا اله الا الله... إكتشف دماغك الثاني مع نوال أمومة
قد تكون الآن قد أمضيت ليلة استثنائية مع زوجتك وشعرت بعظمة هذه الحياة واستيقظت في الصباح ونظرت لها وهي لا زالت نائمة فقبلتها وشكرت الله على هذه النعمة الكبيرة ، برافوا ، وقد تكون الآن قد تناولت أطيب طعام تعشقه بطنك وشعرت بغبطة وفرح كبير أكبر بكثير من تلك الليلة مع زوجتك ، هنياً لك ، وقد تكون الآن قد استلمت مبلغ كبير جداً من المال كنت بانتظاره وشعرت أنك تمتلك الكون ، الف الف مبروك
وقد تكون ذلك الذي حقق الثلاثة معاً وابتسامة عيناك اضاءت الكون فرحاً ومرحاً
في حالاتٍ كهذه يقوم الدماغ بافراز مواد كيميائية تسمى neurotransmittersنواقل عصبية تبعث باشارات من خلية عصبية الى أخرى (المستهدفة) تعطينا ذلك الاحساس الرائع المليء بالطاقة والحماس والسعادة ومن دون هذه المواد الكيميائية التي تسبح في داخلنا لن نشعر بتلك العاطفة التي كانت نتاج ذلك الظرف السعيد
والآن لنذهب الى العكس ، قد تكون الآن في حالة لم تتوقعها في حياتك حيث تم طردك من العمل بشكل مفاجىء ، أو لم تستطيع اليوم من اجتياز ذلك الامتحان الهام للغاية للحصول على تلك الدراسة التي كنت تحلم بها طوال عمرك ، في هذه الحالات المحبطة يقوم الدماغ بافراز كيميائية مختلفة تولد ذلك القلق والانزعاج كعاطفة سيئة مؤلمة لصاحبها
تتحكم عواطفنا وهذه المواد الكيميائية التي في أدمغتنا، تتحكم في تقلبات الحياة التي نختبرها بشكل يومي the highs and lows of life are controlled by our emotions and these chemicals in our brains
هذا العضو الحيوي ( المعجزة ) الذي يسمى الدماغ ( قطعة لحم رمادية اللون) يتحكم بكل شي نشعر به أو نفكر به أو نقوم به على أرض الواقع
أحياناً أتساءل أنا كباحثة كيف أن هذا العضو اللزج الذي عبارة عن كتلة من الخلايا soggy lump of cells والذي يزن 3 باوند (1.361Kg) موجود داخل الرأس ويتحكم بكل حركة نقوم بها وكل شعور وكل خطوة وكل فكرة ، انه المعجزة التي ترافقنا ونحن نبحث ونطلب المعجزات
تركيبنا وتكويننا كبشر بحد ذاته معجزة ، ولكن اليك المفاجاة ، جميعنا لدينا دماغ ثاني a second brain يتحكم بوظائفنا الجسدية والعقلية our physical and menral function وبكل ما نفكر به وبكل ما نقوم به تماماً كالدماغ الرئيسي الذي في رأسنا , والذي ربما يكون الرابط الرئيسي بين أوبئة الأمراض الحديثة ، على مستوى العالم من السمنة إلى أمراض القلب والأوعية الدموية ، و حتى الصحة العقلية
and which maybe the key link between the modern disease epidemics, globally from obesity to cardiovascular disease , may be
even to mental health
كثير من الباحثين لديهم اهتمام كبير بالطعام وكيف يمكن لهذا الطعام أن يؤثر على أجسادنا ويسهم في تشكل الامراض لدينا ، وفي نفس الوقت نستطيع أن نستخدم هذا الطعام لمحاربة الامراض والابتعاد عنها
تبدأ القصة عام 1845 مع ولادة طفل في روسيا لديه شغف رهيب في المعرفة الذي اصبح بعد ذلك رجل عظيم جدا ً لم ينصفه التاريخ ولا الطب ، ونحن الآن نتحدث عنه لنعطيه حقه اسمه Ilya Mechnikov ايلي ميشنكوف
هذا الرجل كان مفتوناً بكل شيء في الطبيعة was fascinated by everything in nature وبحلول سن الثامنة كان يدون ملاحظات حول جميع الكائنات الحية الموجودة في حديقة منزله الخلفية النابضة بالحياة، أصبح هذا الرجل متمكن جداً في العلوم للدرجة التي اكتشف فيها الدور الرهيب لل phagocytes كريات الدم البيضاء white blood cells التي تلتهم اي جسم غريب يدخل الى الجسد وتدمره وتتخلص منه ، هذه الخلايا هي قوام الجهاز المناعي وبناء على هذا الاكتشاف تم منح هذا العالم الاسطورة جائزة نوبل عام 1908
وبعد أن ربح هذه الجائزة بدأت رحلته العلمية الفعليه بحق في عالم العلوم من أجل فهم الصحة البشرية والتكوين الانساني منذ أن بدأ في رحم أمه الى نهاية رحلته في هذه الحياة والتي تسمى بالموت وطبعاً تجاربه الشخصية خلال هذه الرحلة.
جميعنا في هذه الحياة لدينا شيء مشترك واحد ألا وهو , أننا نمضي الشهور التسعة الاولى من وجودنا في هذا العالم في بيئة معقمة تماماً خاصة لنا لا يشاركنا فيها أي كائن آخر ، في رحم امهاتنا inside our mothers wombs ، فقط أنت just you
وبعد أن نغادر تلك البيئة المعقمة الغير مرئية التي كانت مغلفة بالميكروبات الصديقة friendly microbes ، تبدأ هذه الميكروبات في النمو في داخلنا كعضو وزنه 3 باوند وتحديداً داخل الامعاء الغليظة 3 pound invisible organ inside your large intestine , لاحظ الوزن ، انه نفس وزن الدماغ 3 باوند ... هذه الميكروبات اسمها العلمي الان microbiome , إن ذهبت الى صفحة قناة نوال أمومة الان على الفيسبوك سوف تجد حلقة بصوت نوال أمومة حول هذا الموضوع بعنوان viruses and bacteria الفيروسات والبكتيريا
هذا العضو الغير مرئي نما بشكل كبير في داخلنا ، انه صديقنا يتغذى علينا ويحمينا ويشكل 90% من خلايانا ، في الواقع نحن نشكل فقط 10% كخلايا بشرية human cells , إذن نحن ؟؟؟ ، ان صحتنا تعتمد على مدى حيوية هذه الجراثيم
هذه البكتيريا التي في داخل الامعاء لديها وظائف عديدة ومتنوعة حيث تقوم بامتصاص اطعمة محددة لانتاج هرمونات وفيتامينات أساسية تستجيب للادوية وللالتهابات والعدوى وتتحكم في مستوى السكر لدينا كما تعمل على ضبط مستويات الكوليسترول ، بمعنى إن نوع البكتيريا التي في أمعاءك تستطيع وبشكل ملحوظ أن تتحكم في خطر الاصابة بمرض محدد قد يزورك مثل السكر او السمنه ، هذه البكتيريا تسهم في أي عملية يقوم بها جسم الانسان ، تتصرف كدماغ ثاني له ، هذا ما توصل له العالم الروسي ايلي ميشنكوف عام 1892 حينذاك عندما كان يعيش في باريس أيام الكوليرا المميتة
قرر هذا العالم الروسي أن أفضل طريقة لدراسة موضوع الكوليرا هو أن يشرب بنفسه حساء الكوليرا the broth of cholera وبمعجرة كبرى لم يمرض هذا العالم بعد ان شرب هذا الحساء وقرر في نفس المساء أن يوسع هذا العمل ليمتد الى آخرين غيره ، هنا طلب من أحد زملاءه بشرب هذا الحساء ولم يمرض أيضاً ، ولكن عندما طلب من زميل آخر للاسف مرض هذا الشخص وبشده وشارف على الموت
إن دراسة الكوليرا تحت المجهر من قبل هذا العالِم جعلته يتوصل الى أن هناك انواع محددة من البكتيريا داخل الامعاء تدعم وتحفز جرثومة الكوليرا على النمو بينما هناك أنواع اخرى من البكتيريا تتحاشى ذلك ، هنا تبين له أن بكتيريا الامعاء اساسية لصحة الانسان كما أكد على أهمية التوازن الصحيح الميكروبي في داخلنا ( داخل الامعاء) للوقاية من الأمراض
كان الفهم الشائع آنذاك أن أمعاء الانسان هي عبارة عن خزان من السموم الضارة noxious reservoir of toxins ، للدرجه التي قام بها بعض الاطباء الجراحون أنذاك الى ازالة أجزاء كاملة من الأمعاء للمرضى الذين كانوا يعانون من مشاكل في أمعاءهم
ومع موت هذا العالم المميز ايلي في عام 1916 اندثر موضوع فائدة البكتيريا الكبرى التي في امعائنا وأثرها على صحتنا ،ولكن بعد عقد من موته تم اكتشاف المضادات الحيويةantibiotics التي بالغ الناس في استخدامها وانتشرت العمليات القيصرية بكثرة لتحل محل الولادات الطبيعية ، كما انتشرت الحمية الغذائية الغربية.
لقد تم شن حرب على هذه الميكروبات A war was waged on microbes لما يقارب قرن كامل من الزمن من أجل قتلها والتخلص منها بشكل كامل , الامر الذي ادى الى تحول الامعاء من مكان رطب الى أرض قاحلة barren wasteland , لقد ضاعت جهود هذا العالم الروسي ايلي ميشنكوف الذي ربح جائزة نوبل كما ذكرنا قبل قليل ..وكنتيجة لهذا الامر لاحظ ماذا حدث
حاليا واحد من ثلاث أطفال في امريكيا يولد ولادة قيصيرية وعندنا نحن العرب أيضًا ، هنا يفقد الطفل فرصته في الحصول على اللقاح الاولي the initial innoculum أو الغذاء البكتيريcoating of bacteria الذي يحيط به عندما يولد بشكل طبيعي ويخرج من قناة الام للولادة الطبيعية ( سبحانك يا الله )
للاسف لم يتم تقدير قيمة هذه البكتيريا التي تحمينا منذ أن كنا في رحم امهاتنا ، لم يتم تقدير قيمتها كدماغ ثاني لنا الى عصر اليوم.
اليكم هذه القصة المثيرة التي تتعلق بالفئران التي لو أصيبت بداء القطط لتخلصت من خوفها من القطط toxoplasma gondii للابد بل واكثر من ذلك سوف تنجذب للقطط ، وقد يتناول الاثنان العشاء معاً ، لذلك فإن هذا الميكروب الذي ابتلعه هذا الحيوان سوف يتحكم في دماغه ويغير الطريقة التي يفكر ويتصرف بها
so this microbe that ingested by this animal takes control of its brain
إن اكتشاف هذه الانواع الرهيبة من البكتيريا داخل امعاءنا سوف يغير من نظرتنا وتقديرنا لهذه البكتيريا للابد
إن البطن والدماغ فيزيائيا وكيميائيا مرتبطين وعلى تواصل واتصال بطرق عدة :
أولاً : أمعائنا فيزيائياً متصلة بدماغنا من خلال العصب المبهم التي يرسل بالاشارات في الاتجاهين
Our intestines are physically are linked to our brains through the vagus nerve which sends signals in both directions
المثير للاهتمام interestingly أنه حتى لو لم تكن هذه الامعاء مرتبطة بالدماغ لا زالت تستطيع ان تؤدي وظيفتها على الوجه الامثل لانها وكما يُقترح لديها دماغها الخاص بها
ثانياً : دماغنا مكون من مئات البلايين من الخلايا العصبية neurons التي باستمرار تبعث بالاشارات للجسد تخبره فيها كيف يعمل وكيف يتصرف
أمعائنا لديها مئات الملايين من الخلايا العصبية neurons
ثالثاً : تعد المنطقة الأحيائية الدقيقة الخاصة بنا our microbiomes هي النقطة المركزية لنظام المناعة لدينا, بمعنى أن الاضطراب هنا يمكن أن يسبب ردود فعل مناعية خفية في جميع أنحاء الجسم, الذي ان استمر سوف يؤثر على الدماغ
our micro biome are the center point of our immune system
أخيرا ، إن النواقل العصبية الموجودة في الدماغ لدينا شبيه لها في الامعاء التي تعطينا ذلك الشعور اللطيف بعد تناول طعام لذيذ والذي ذكرناه في بداية هذا المقال او بعد نوم هني مع الزوج او الزوجة او بعد الحصول على مبلغ من المال ، او عكس هذه الثلاثة ، مثل الطرد من العمل او عدم النجاح في الامتحان الخ
أكبر مثال على هذه النواقل العصبية هي السيروتونين serotonin مضاد الاكتئاب الطبيعي nature’s antidepressant والتي أكثر من 90% منها يتم انتاجها في الامعاء وأقل من 10% يتم انتاجها في الدماغ
هذا يعني ان نوع البكتيريا في داخل جسدنا قد يتحكم في طريقة تفكيرك وسلوكك
أثناء القلق والخوف قد تشعر بمغص في بطنك أو ترعب في الافراغ ... لماذا؟ سوف أترك الاجابة لك أو لدماغك الثاني ليجيب!!!
نحن لدينا دماغين وليس واحد!!!
نوال أمومة
Researcher in learning science and neuroscience
باحثة في علم التعلم وعلم الأعصاب
#سيدة #قوية #واثقة #مُحِبة #متعلمة #وتتعلم #وأم #ايجابية #فراشة #مؤثرة @NawalOmoma2021


