بقلم سامر المعاني - الأردن
....
تتحفنا سعاد سليمان بروايتها الجديدة هبات ساخنة في اللهجة المصرية المحكية والشائعة في الدراما العربية والتي يستطيع جميع العرب فهمها واعتقد بانها استخدمتها لتكون اكثر صدقا وواقعية بالتعامل مع بيئتها وشخوص روايتها التي تجسدت بها صورة الشخصية الرئيسية التي كانت محور الأحداث حتى نهاية العمل .
استطاعت الروائية في تحري واقع الأنثى بكل وجدانية واحاساس مرهف لتكون ارشيفا لتلك البيئة في مسارها وادواتها وتفكيرها وكينونتها وكيف انتقلت وسط زحامها وتشعب مداراتها من التحولات التي تطرأ على الأنثى في كل حقبة من عمرها او في كل بيئة تخرج منها وكيف احاطت بين بيئات كثير من انثاها العابرة التي رسمتها في الرواية وبأن البيئة الظالمة التي تهوي بأنثاها لا يعير لها الرجل اهتماما وهو المتردد والذي تسبب كثيرا في مرضها ووجعها.
لم تغب الرواية عن واقعها ولم تكن احداثها انثى تفكر على ورق فأرشفت البيئة المكانية والزمانية بوضوح في التقاء الأحداث والشخوص لتأخذنا للميدان والثورة وكيف جمعت كل الطبقات والفئات من المجتمع.
تماسكت الرواية بشكل جميل وشيق رغم الكثير من التناقضات والأحداث التي حقنتها سليمان في انثاها لتأتي افقيا وعموديا بأنثى الحياة والبيئة التي طالما ظلمت الأنثى رغم اعباء الحياة فكانت بارة لكل الوان وجوه انثاها بسلبياتها وانحرافها احيانا وجاحدة بالرجل الذي تنصره الأعراف والعادات رغم انه ليس بضحية كم انثاها افقيا الأرملة والمطلقة والعانس والمتوهجة والهائجة والجميلة بينما في شكلها الأخر تتناسل لتصبح اما ثم جدة وأطفال .
ان الواقعية في هذا العمل الروائي ليس حشو احداث او احداث متكررة وافكار تناقلت بها الكاتبة من سطوة خيال لتلصق اوهامها وتخميناتها لمجتمع يتحمل كل القوالب والأحدث بل هي ممارسات وأفكار واقعية تبناها المجتمع الشرقي حتى اصبحت شكله وهويته الذي فرض سلطة الرجال على النساء فساهم في ظلمها فاهتز في كثير من محاور العمل وكانت انثى سليمان اكثر نفورا وتمردا على بيئتها ورجلها باسلوب رشيق وشيق دون التعمد لأي انفعال وايحاءات مباشرة رغم جرأتها في الطرح وتصويرها الدقيق لكل الحالات والمواقع التي تمردت بها الأنثى .
من خلال قرأتي اجد ان الأفلام المصرية التي تربينا عليها كفيلة بالنهوض بهذا العمل الروائي لعالم السينما والدراما لمعالجتها حقبة زمنية مهمة جدا بتاريخ مصر وتناولت وقائع وأحداث اجتماعية مهمة جدا وبأسلوب رائع وناضج ومدهش.


