خلعت ثوب الطفولة و أخذت تزم الجرح بكفيها و ترتل بدمعاتها الدعاء ، أطفأ الكرى
قناديل عينيها ، مرهقة تكورت في حضن السحاب ، تتحسس بها دفئاً كان عنها قد غاب
وجلة كابرت التعب ، تحسست طريقها في الظلام لجسد عفره الثرى و وقع فوقه الصخر
و الحطب ، تلمست الجبين فتخلخلت الدماء بين أناملها لزجة و باردة ، ارتعبت ، فزحفت
لتضع رأسها حيث النبض ، أصغت لعل يجيب سؤالها الصامت خفقة من القلب ، انتظرت
الجواب حتى خطفها الوجع في شرنقة من الغياب!
و بزغ الفجر ، فأزاحوا الركام و القلوب لهول المنظر تناثرت حطام ، فهناك تحت الأنقاض
عثروا على طفلة خلعت معطفها لتدثر به جثة والدتها التي فارقت الحياة ، فتجمدت هي
حتى الموت ..


