(... وللرِّيح قولٌ)
سأُطلقُ روحي علَّها
تستقرُّ في جسد الشمس
فأولدُ من جديدٍ
نورًا
يسكن عينَيكَ الكفيفتَيْن
فتراني على حقيقتي
خيالًا
يعبثُ بأصابِعك
التي استعرتَها
من حدائقي المُعلَّقة.
دمًا
ممزوجًا بماء خساراتي.
نقشًا
مستحيلًا فوق الماء
جماجمَ
تتلوَّن بألوان حكاياتك.
أمًا
يُعجزُكَ احتضانها في النهار
وحاناتها مقفلةٌ في الليل.
لتدرِكَ حينَها
أنَّكَ تفوَّقتَ على "دون كيشوت"
في مقارعة
طواحين الهواء.
ثم -وقبل الغروب-
تُطلقني الرِّيحُ من جديدٍ
لأسكنَ في جسد القمر
وأولدَ نورًا آخرَ
يُنير عتمة روحكَ
فتراني على سجيِّتي:
شجرةً
كلما لمستَ لُحاءَها
تجذرَّتْ فيكَ.
طفلةً
كلِّما تكدَّستْ دموعُها
-على باب الرَّحمة-
اتَّقدَ الغضبُ في عينَيْكَ.
ثمرةَ أناناسٍ
كلَّما أمعنتَ في تقشيرها
ذاب السكرُ تحت لسانِكَ.
لتدركَ حينها
أنَّك مبتدأ كل خبرٍ
فيما تفشلُ عيناكَ في إخفائه!
ثم -وقبل المُحاق-
يُطلقني القمرُ
لأستقرَّ في رحم غيمةٍ
تُجيدُ المخاضَ
فأُولدُ برقًا
يثقبُ صدرَكَ
فرعدًا
يُشعلُ فتيلَ إعصاركَ
فتحضرُ بعد اختفائي
غيثًا
ينثال فوق الميْل
في منتصف قلبكَ
لتبدأَ بعد انتهائي
قَطْرًا
لا يكفي لولادة الربيع
فمطرًا
يُنذر سوء ظنِّكَ
فبَرَدًا
يخدش كلَّ أوراق شجرِكَ
فثلجًا
يُعانق كلَّ مرافئِكَ البعيدة..
وتزرعُني الرِّيحُ من جديدٍ
-فوق آخر سفينةٍ احترقتْ-
موجةً شابةً
عمياءَ
كلَّما زفرَها المدُّ
مدَّتْ كفَّها تتلمَّسُ وجهَ
آخرِ صخرةٍ عجوز
نحتتْ عليها ملامحَ
وجهكَ الممحون
فتبتلعُها قنينةٌ مثقوبةٌ
تُقلِّبها الريحُ
الآثمة
حتى يلفظَها الموجُ
على الشاطئ
فتُفرغُ منها:
الزَّبد؛ الماء؛ الملح؛ الرَّمل...
وأنتَ
فتثْقُل الأرضُ
وتمضي الرِّيح
بلا قلبي!
إيمان السيد
أرشيف 2020

