-->
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

حروف اللغة للكاتب مصطفى معايطة




 أتعلمين

أتعلمين أن حروف اللغة باتت تغار منكِ، نعم حتى حروف اللغة، ككل النساء ، وبعدهم عمان ودمشق والقدس والقاهرة، وكل ما اهتممت به قبلك وكان بالنسبة لي قضية، وبعدكِ أصبحتِ أنتِ القضية الوحيدة التي لا يهمني بعدها قضية، فكيف يُمكن أن أهتم بالعوام ما دمت لا أكسب الخاص ؟؟!!


ربما ما يساعدني الان على الاحتمال هو فقط هذه اللغة ، وقدرتي تطويعها على التعبير، على إفراغ ما في هذه الروح على شكل سطور، كالزفير الذي لولاه لاختنقت بنواتج احتراق الشهيق، وانت ذلك الشهيق الذي لولاه لمات الجسد؛ بسبب حاجته لكل ذرة اوكسجين.


نعم هي اللغة وهذه الحروف، التي باتت ربما تنظر لي كدكتاتور يقيد معاصمها بأغلاله، بقضبان سجونه، بالحبال حول أعناقها، سلبها كل معاني الحرية وانطلاقها، وجعلك وجهة النظر الوحيدة والصحيحة التي يجب أن يُكتبَ فيها، فيكون التلفاز والجرائد وكل الأقلام أنت شأنهم الوحيد وعناوينها العريضة بأشكال مختلفة، ولكن بذات المتون .


ربما ضاقت الحروف بي ذرعا لتبدي تمردها عليّ وعليك ، تستعصي فأجبرها قسراً تحت التعذيب، أعصرها في رأسي لأستحصل خلاصتها، وكأنها حبات عنب جف ما فيها من ماء الا قليله الذي يحتاج للاعتصار ، ثم أعتقها لأيام لتستوفي حلاوتها، وقد كانت قبل ذلك حلوة المذاق سلسلة الاستخلاص وتسري لوحدها بمجرد لمسها ما بين الشاهد والابهام.


ربما كذلك، لكن النظرية الأعمق هي أن اللغة أنثى، تغار أكثر مما تشعر بالاختناق من القيود، فهي مثلا تُحب من يسألها، يغار عليها من هذا وذاك، أين كنت وأين ذهبت، ورغم ضيق منعها أحيانا عن شيء، وتحديها، وربما اعتلاء صوتها وصراخها ورفضها، إلا أنه يستهويها في داخلها، لأنها تعرف بأن تصرفاته تلك نابعة عن حبه لها، عن غيرته عليها، وكأنما يريد إحاطتها بهالة حتى من إفراغ الهواء من حولها ، فلا تراها عين الا عينه، ولا تلمسها الا أطراف أصابع يديه .


نعم هي الحروف باتت تغار منكِ، ويقتلها أن تكون نسخة عنكِ، ويقتلها أن لا تكون إلا أنت، وكأنها لم تخلق الا للحديث عنكِ، وتسأل نفسها : تُرى من تكون هذه، وأي حسن هذا، ومن أنتِ لتشعر بأنها صارت عبيدا تحت قدميك وفي خدمتك ووصفك، ولا حديث يطغى عليك.


الألف الممدودة لم تعد تطيق اطلاقها في تلك الطريق التي لا تنتهي لتقصر نفسها عنك، وعين الميم محمرة تقدح شرر غيرة، والحاء تنحى عن الحب ليعلنها حرباً، والياء تأبى أن تكون حرفا تنتهي بكلمة تدل عليك بالمخاطبة، حتى السكون بدأ يفقد أعصابه ويستشيط غضباً، وكأنها بوادر ثورة علي وعليك !!!

اذن وليكن، فلْ أسقط أنا، إن لم يكن كل شيء لكِ.


خرابيييش

التعليقات



إذا أعجبك محتوى الموقع نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

رئيس التحرير

الاستاذ : سامر المعاني

فريق التصميم

الاستاذ : أحمد جمال الجراح

المحررين

الاستاذ: أحمد جمال الجراح
الاستاذ : محمود خضر الشبول
االاستاذة : إيمان العمري
الاستاذة : امنة الذيباني
الاستاذة : لينا الخيري
الاستاذة : رولا العمري
الاستاذة : روند كفارنة
الاستاذة : ميسون الباز
الاستاذة : ايمان الحموري

المتواجدون الان بالموقع

احصاءات الموقع الشهرية

تصميم أحمد جمال الجراح -هاتف :00962788311431 © جميع الحقوق محفوظة

فضاءات الجياد

2020