قراءة نقدية تفضل بها الاستاذ الناقد احمد محمود دحبور فكتب :
قصيدة النثر فن مراوغ بطبيعته الى حد الإحتيال على القارىء فهي نوع متحرك معبأة بطاقات كبيرة من الصور المجازية والحسية .
فالذات هي مركز النص/القصيدة ذات المروي عنه، ذات الراوي الذي يشبه الماء حين يعتصر الشتاء الغيم وكجناحي العصفور، وكحلم الحرية ، وكعزف الناي، أو كلمة "احبك" وذات الراوي التي تشبه الرقصات على الجرح، أو كإشاعة حب، فتمتزج الروح بالروح ؛ بعضها ببعض الى أن تنتهي بالذات الأخرى الجمهور حين يصفق لهما وكأننا امام لوحة فنية ترقص على خشبة المسرح وتندغم اللوحة بين عوالم ثلاث (الراوي والمروي عنه الحبيب والجمهور) عوالم تتناغم برؤية الذات الشاعرة؛ رؤية مسكونة بالعبث والجنون ، ثم تذهب بنا الشاعرة الى مذهب تشكيلي أقرب الى البورتريه ضمن إطار متخيل يصف صورة الحب وتضعها في وضعية متحركة كحركة الماء وعزف الناي وتحلق بها على جناحي عصفور وتتراقص على الجراح وتبحث عن عبثية الحب لتنصهر في بوتقة القلب مركز الحب والخيال.
ولا تخلو القصيدة من لمحات سردية تسرد الشاعرة قصة عشقها الى حد نرى الشاعرة تتقمص دور القاص بإمتياز وتضفي على عالمها روحا شعرية .
هكذا تدون الذات الشعرية ل روند الكفارنة ما حدث لها وهي تلامس تداعيات ذاكرتها وتمسح الغبار عن تلافيفها لتكون اصدق وهي تسترجع وتستذكر نشيد حياتهما عبر توتر ايقاع اللغة الناجم عن التوتر المشهدي لتصل الى النهاية المأزومة المحملة بخوالج الذات وهواجسها وقلقها وخوفها وتساؤلاتها، وترسل رسائل موجهة من الذات الساردة الى الآخر الحبيب والآخر الجمهور اي المتلقي الذي سيقرأء هذا السينرست اي الى سياق أكثر إتساعا بين المرسل وعدد لا نهائي من المتلقين ، فهي يقظة كيقظة العصافير في تحليقها، وكاننا اما سيناريو وفلم اعد بحساسية شعرية اختزلته الكفارنة وتوقفت عند القفلة او المشهد الأخير بإعتباره المركز الدلالي في النص / القصيدة/ السيناريو، إذ جعلت (الجمهور) جزءا من العرض السينمائي/المسرحي/الشعري
طوبى لهذا الفضاء الشعري الواسع الدلالات ، الذي خلق من العتمة ما يرى أكثر من العين، وما يسمع أفضل من الأذن، خالقة من مشاعرها وافكارها وكلماتها وانكسارتها وجنونها مدىً شاسعا، لا يحد، نحن امام شاعرة موهوبة وسامقة وأكثر إخضرارا من الأشجار وتجددا اكثر من مياه الأنهار، فشاعرتنا على رغم ما اختزنه قلبها من اشجان الناي تعود الى نفسها لترى الحياة حولها ما تزال تسير وتحمل مزيدا من الزهور ومعاني الحب والفرح مما بجعلها قادرة على الدخول الى منطقة الشعر كما ينبغي ان يكون وتمتلك حاسة شعرية عالية غنية بالصور الحية المبتكرة والمتوهجة التي تأخذ شكلها وروحها
--------------------------------
كالماء أنت
حين يعتصر الشتاء الغيم
كرفرفة جناحي العصفور
كحلم الحرية
كعزف ناي
أو ككلمة أحبك حائرة فوق الشفاه
لاقيد لك لا حدود
وأنا يا سيدي
كآخر الراقصات على جرحها
تبحث عن عينيك
لتلتقي بقلبك
فتحلق كحكاية
كاشاعة حب
تضرب جناحيك بياسميني
وتقسم أنك لم ترو بعد
كل قصصك
ولا يحتويك سوى حكايتي
يسكن بعضك بعضي
ولربما أحلم يوما بالرجوع
تدعي انت
وأصدق أنا
ويصفق الجمهور



