قراءة في رواية عفن أحمر /الروائية الأردنية نيرمينة الرفاعي اليوم التقيت بحبيبة قلبي تبارك ومر في سياق الحديث روايتها عفن أحمر التي نُشرت قبل سنتين، فعدت إلى المنزل وفتحتها مجددا لأرسل لها بعض الملاحظات التي سبق وقد دونتها أيامها، لأجد بين الصفحات رسالة كانت قد ضاعت مني منذ زمن! كنت بحاجة لأقرأ الرسالة هذه اليوم على وجه التحديد، وأنت وجه الخير دائما يا تبارك! فشكرا لأن صفحاتك دائما قادرة على ضم ما أحب وما يعنيني وفي الوقت المناسب تماما! من قلبي شكرا! وبالنسبة للعفن الأحمر فأنتم تتحدثون هنا عن عمل متشابك مسرحي بامتياز، يعرض شخصياته المتناقضة في انفعالاتها بين أدوارها على الخشبة وفي الواقع، والمكان مسرح واسع للموت والجثث والتعذيب في السجون وولادات تزهر بالأطفال الباكين الخارجين من بين سيقان الأمهات في ذات الوقت.. فناجين قهوة تُشرب هنا وهناك، وحياة قطط تتجدد مرة تلو المرة ثم تُدفن بشعرها الناعم في قبور صغيرة، وخيوط شفافة تُحرك جميع من على المنصة جارة إياهم/ن من أعناقهم/ن! الكثير من الأحلام والكوابيس تتشابك في العفن الأحمر، منازل تضيء شبابيكها باحتراق الشمع، سراديب يهرب لها الناس حين تشتد وطأة الموت، ودموع لا يجيدها إلا من شعر بالقهر في الصدر ينسكب على الأجساد كموت بطيء.. تحتار في "حمدلله عالسلامة" التي تسمعها حين تعود برغيف خبز إلى الدار ناجيا من القصف والأغاني على حد السواء، وتفكر إن كان يجب أن أتكون ممتنا أم غاضبا أم ناقما أم فرحا بنجاتك! وتفكر إن كانت الرصاصة تختلف عن البرميل عن الزنزانة الملأى بأجساد متقيحة؟ تنظر فوق الزنازين لتجد السماء المحلاة بسكر غزل البنات، والصفراء كالترمس الذي يشبه حبات الذهب، تجد صندوق رسائل الخالة وصور الأبيض والأسود، وثيابا داخلية منشورة خلف قوارير الورد! وتمر على الصفحات حتى النهاية ورنين الأساور يعلو في أذنيك بإيقاع رتيب مستفز وكأنه نفير حرب لا تنتهي! العفن هنا يا صديقتي العزيزة أحمر برائحة الأوطان التي تموت وتحيا من جديد، فارفعوا لها قبعاتنا وغنوا ما تيسر من الحب قبل أن يموت الأبطال في الصفحات الأخيرة مختنقين بوسائدهم، وأحلامهم!
