-->
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

الغراب للكاتبة حضري خولة /الجزائر

 




أیقظتني رائحة العرق ، وتلك النفایات العفنة التي تخزنت في ركن من ذلك المخزن الدافئ من تراكم الأنفاس، تنحنحت قلیلا أفزعني صوت "كارل" وھو یقول لي: 

تبا لك أیھا الغراب الأسود ، ابعد عني ساقك القذرة.

- أوه أسف !

لم یعد ذلك یؤثر على صحة النفسیة والجسدیة لقد اعتدت على ذلك؛ خرجت قلیلا قبل أن أبدأ مجددا في رحلة 

البحث عن عمل في مدینة میلانو، لا أحد یرید توظیف رجل أسود، ھذه المعلومة حفظتھا منذ أن كنت في 

دیرتي، حتى انتھى بي الأمر في قارب المستقبل كما یسمیه شبابنا، غرق منا البعض بینما كنت أنا أحد الناجین ؛ أعتقد أن ھذا ھو الحظ الوحید الذي سأقابله في حیاتي، أو أن البحر قد اتخم من أجسادنا الضامرة، انطلقت وأنا أسیر في تلك الشوارع المكتظة، لمحت "فینسا" تلك الفتاة التي ھاجرت معنا لقد تأقلمت مع الوضع سریعا وأدت دور الأوربیة الفاتنة بنجاح، كان اسمھا "سمیحة" قبل أن نصعد إلى القارب وبعد زجنا في المعتقل، صار 

اسمھا "فینسا" ! :

- اوووه "جوي" كیف حالك؟ 

- اسمي "جلال" ولیس "جوي".

- علیك أن تنسلخ من عروبتك سریعا، وإلا سینتھي بك الأمر كھر شارد یقدم كتحلیة لجرذان میلانو.

- أحتاج إلى عمل.

طالعتني بنظرة متفحصة: 

 - اممم حسنا ، یوجد عمل ولا أدري إن كان سیعجبك أم لا، ولكنه أفضل من وضعك البائس ھذا، ألیس كذلك ؟ 

- ما ھو ھذا العمل؟

- عمل..." وغمزت لي بعینھا"

- شكرا لك، احتفظي به لنفسك، لا أریده ، ولكن اِعْلَمِي أني جئت إلى میلانو باحثا عن عمل، ولیس للانسلاخ عن شخصیتي، أنا مسلم یا سمیحة.

رحلت عنھا ولكني سمعتھا وھي تصیح بلغتنا:

- اِعْلَمِ أن القانون ھنا، إما أن تكون مثلھم، أو تدفن بشكل مبكر" یا جوي"

عدت إلى مقھى في إحدى أحیاء میلانو، یجتمع فیه بعض الفارین من بلدانھم، قابلت " فیتال" الصدیق المثقف الوحید، والذي یضع تقویما على أسنانھ ونظارة علیھا تشققات! لا أحد یحب مجالسته سواي، لذا فھو یعلم بأني عربي، اخبرني ذات یوم قائلا: لم لا تخبرھم انك مسلـم، لقد قرأت عن رجال المسلمین وبطولاتھم ،إنھم رائعون ألیس كذلك.

- لیتك تعلم كیف صار العرب من بعدھم ، أصبحت أحلامنا تنسج في الخیال وتباع على قوارب الموت، 

ویشتریھا البحر ... ھكذا نحن.

لوح لي بیده، وجلست قبالتھ، تبرع لي بفنجان من القھوة كنت ممتنا لھ ومن الجید انه لم یأت لي بزجاجة من الویسكي أو البیرة ، الواقع مر لكنه أفضل من الخیال الذي تشبعت بھ قبل أن أھاجر، ظننا أن الشقاء في 

بلادي والنعیم ھنا، قطع صوت فیتال شرودي:

- ھاي یا صاح ... ھل وجدت عملا؟

- لا... ومن یرید غرابا في العمل! بشكل أفضل؛ لا احد یرید أن یتسخ بي، أو أن اجلب له الحظ السیئ!

- تفائل یا فتى !...یقول احد الفلاسفة، انه لا معنى لحیاة الإنسان بدون أمل. 

- أمثالي، أنجبتھم الحیاة لیموتوا فیھا لا لیحیوا!

- اعلم أن ھناك عنصریة في بلدنا، لكن لا تقلق، منظمات حقوق الإنسان تندد بھكذا تصرفات لا إنسانیة.

- إنه تندید... تندید!! أرجوك یا فیتال كفى.

أنھیت فنجان القھوة، حتى أني لم أستطع رؤیة وجھي إنھا سوداء مثل یومي، حثثت خطاي نحو ذلك المخزن سریعا قبل أن ینتشر المتسكعون، ولا أتورط في مشاكل، لا أرید العودة ثانیة إلى المعتقل، الشارع مظلم ...اصطدمت 

بشخص یركض ... اختفى سریعا !

- تبا.... ھاي ما الأ مر !

- أمسكت بك أیھا السارق !

- لست أنا حضرت الشرطي.

- أصمت أیھا الغراب القذر، لا ادري متى ینتھي نسلكم.

- أرجوك لا استطیع التنفس .... لا استطیع التنفس..!!

" خمسة وعشرون مایو، منظمة حقوق الإنسان تندد بمقتل الشاب الأسود!!

التعليقات



إذا أعجبك محتوى الموقع نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

رئيس التحرير

الاستاذ : سامر المعاني

فريق التصميم

الاستاذ : أحمد جمال الجراح

المحررين

الاستاذ: أحمد جمال الجراح
الاستاذ : محمود خضر الشبول
االاستاذة : إيمان العمري
الاستاذة : امنة الذيباني
الاستاذة : لينا الخيري
الاستاذة : رولا العمري
الاستاذة : روند كفارنة
الاستاذة : ميسون الباز
الاستاذة : ايمان الحموري

المتواجدون الان بالموقع

احصاءات الموقع الشهرية

تصميم أحمد جمال الجراح -هاتف :00962788311431 © جميع الحقوق محفوظة

فضاءات الجياد

2020