ما كل ذلك ! كوارِث، ظلامٌ سرمديّ، خوفٌ إلتفَّ حُوْلِي ، جلستُ بتلك الزاويةِ التي نادَتني بصوتٍ خافِت تتقمصُّ بشخصية أمي، طأطأتُ رأسِي بين قدمي ويدي ترتعِشَان وقلبي يخفق بشدة . انتظرتُ بضعة ثواني وبنظري كانت أعوام، حينما نظرتُ فإذا بنور يضاهي نورُ الشمسِ تسلّل كل بقاعِ جسدي ، إنها أُمي واقفةٌ بخطوات تبعد عدة سنتميترات ، ما هذا يا أمي إني احتاج لبوابه الزمن لتعيدُكِ تلك الخطوات، جرت نحوي ولامست يداي والهدوء يسكنُني ، فمدّت يديها لتملئ فراغات ما حلّ بي من ثواني .
نَعم يا سادة إنَّها الأم، فما علمتني حرف إلا ولازَمْتَه برمش أعيُنها ، فالغزل والحب لم يُخلَق إلا لها ، شُعراء لم يكملوا وصفها ولو مضو ليالٍ ، طريقك بُني من صرخات اطفال وضحكات أُخرى ،أتعجب من تحمُلِها لشقاوتي حينما اجعل من البيت بركاناً يثور بما فيه بما أوتيت من طاقة ، حينما اجعلها تبكي لشدة خوفها على قطعة من ضياء أعينها، مهما فعلت بها ستبقى بلسماً لقحطِ تلك الأيام ، شذاً لزهرةِ عُمري ، حنيناً لقساوة الزمن ، شجاعةً لخوفِ قادمي، حُباً لجفاء العالم ، لحناً لصوت الطليعة ، قانوناً يحميني تحت ظروف راهنت على أذاي ، معلماً لجهالة البشر ، ستبقى الخارقه التي تحملُ صخر ثقلي عني . وبدعائي لها اتمنى أن تُصبح أيامها أُمَّاً لها .


