الكاتب :عامر الطيب
أحبُّ رؤيةَ يدكَ و هي ملفوفة
حول عنق امرأة
في ظلام دامسٍ،
تسيران بتلك الهيئة، إنها تقودك أو تسحبك كحيوان يأنف من ترويضه.
براءةُ المدن التي تُضاء شوارعها مكشوفةٌ
أعني إنها مسألة وقت
حتى تصل وحيداً إلى بيتي !
♤
أحببنا بعضنا بالإيماءات
قلتُ لكَ ما أفكر بشأنه و شرحتَ لي ما أبدو
عاجزة عن نسيانه.
بالأصابع ذاتها
أكملنا الأحاديث و أعدنا الكتيبَ الصغير
إلى مكانه،
كان كتاباً عن خرائط البلدان :
وضعتُ اصبعي على اسمٍ
وقلتُ: هذه بلادي الحزينة بمفردها
فوضعتَ يدك على إصبعي لتحميني منها !
♤
المرح و الصمت
تزوجا منذ زمن غابرٍ و ها هما يتجولان في السوق
لشراء بعض الحاجات،
يشير الصمتُ
لشيءٍ ما
فيشتريه المرحُ صامتاً
أو يضع المرحُ لقمةً
بفم الصمت فيأكلها مهللاً .
لكنّ حياتهما مباركة بالعتمة فقط
إذ أننا لا نحزر إن ناما صامتَين
أو مرحَين!
♤
لو تم تشييد العالم
كعمارة من ثلاثة طوابق
ففي الأسفل ستكون الأفكار الصلبة
في الأعلى القصائد
و في المنتصف الحياة الحقيقية للبشر.
غالبا ما يجرحُ طاقتنا المهدورة
تحطيمُ العمارة من الأعلى!
♤
الطيور لا تشعر بالنعاس، تنام فوراً
قالت جدتي ذلك و اختفتْ في ظلام غرفتنا،
كنا نشعل لها سيجارتها
مقابل ان تحكي لنا بعض القصص
التي يتضح إنها غير موجودة
في كتاب ما.
ما أريد قوله :
بأي طريقة نحرس المدن إذا لم يعد بإمكاننا
أن نؤلفَ قصصاً ؟
♤
أنا رجل محترم
كتمثال من البرونز ، حاملاً كأسي
دون أن يُنظر نحوي برحمة ،
فاتحاً عينيّ
دون أن يراعى ألمي
و في المرات القليلة التي أحببتموني بها
تأملتم منظري الرهيب
بمشقة و غادرتم المكان .
حلمتُ أن أقع في الحب كخادمٍ مبتذل
ألّا يسعني الوقوف مطولاً على قدمي!
♤
قالتْ لي زوجة جاري
وهي تغسل الجدران ابتداعاً لفرح ما
ما الفرق
بين الكلام العادي و الشعر ؟
بودي أن أقول لها :
أحدهما لم يعد صالحاً للأطفال!
♤
عندما صرتُ في الثلاثين عمري
ربتَ أبي على أكتافي
وقال لي :
لقد صرتَ رجلاً
ستسافر و تنجب أطفالاً و تهان
قالت أمي:
ستكون خفيفاً و تنجرف مع التيار
قال أخوتي:
ستكون لك مسؤولية حراسة أشباح فقط
قالت إحدى اخواتي:
ستتقدم بقية عمرك
على أطراف أصابعك
لا أعلم ما الذي علي أن أفعله
لئلا أخيب توقعاتهم جميعاً
فقد نجحت بأن أرى الأحبة
الذين تعرفتُ عليهم للتوّ قدماءً في جسدي!
♤
بتُّ أخشى ألا أكون شاعراً،
أيمكن أن يستيقظ المرء ثم يغسل وجهه
و يطوي قمصانه
دون أن يفكر بكتابة شيء ما ؟
أيها الرفاق أخبروني
أيمكن أن تكون حياة اي أحد منا
على الحواف ؟
أخشى أن أفقد هبتي الأثيرة في ليلة باردة
أن أجلس قرب المدفئة
ولا أسخّن الطعامَ البائتَ للموتى!


