بقلم: د. المستشار إبراهيم الزير.
" دكتور القانون الدولي العام والخاص ومبعوث السلام الدولي وسفير التنمية المستدامة حول العالم وسفير الجودة والتميز وقاضي تسوية وفض المنازعات بالمحكمة الدولية بلندن و نائب رئيس المركز الدولي للأعلام و التنمية المستدامة بمملكة السويد ".
أسري فلسطينيين يهربون من سجن جلبوع الإسرائيلي الواقع في مدينة بيسان شمال فلسطين ومن المعروف عنه أنه من أفضل السجون الإسرائيلية من حيث التحصين وتم تسميه سجن جلبوع نظرا لوجوده في جبل جلبوع ويتم مراقبة السجن بأحدث المعدات وكاميرات المراقبة الحديثة.
بادىء ذي بدأ ... يحتوي الهروب المدوي على نوع من الكوميديا الضاحكة أولها ان الاسرى الهاربون كان لابد ان يعبروا مرورا اسفل برج مراقبه من أبراج التي تعمل على مراقبه اسوار السجن بالكامل و التي محصنه بأجهزة مرئية و حساسة جدا طبقا للنظام الداخلي للسجن و ادارته فضلا عن ذلك التصميم الداخلي و الخارجي لما قامت بتصميمه الشركة المنفذة له و الشركات الداعمة لتلك الأجهزة الأمنية التي تعمل على نظام المراقبة المركزية من خلال غرفه تحكم.
حيث قام الاسرى البالغ عددهم ستة افراد من الهروب من أسفل تلك الأبراج والتي تقوم على حراستها أحد المجندات الإسرائيليات آن ذاك، والتي قامت النيابة الإسرائيلية باستجوابها عن قصة الهروب عن كيفية عدم رؤيتها للأسرى الستة و هما يعبوا من اسفل برج المراقبة و كان جواب المجندة " كنت اريد قسطا من الراحة "!!!!!! وهذه بداية الكوميديا. في القصة.
ثانيا هروب الاسرى على طريقه أفلام الكرتون وأفلام هوليوود السينمائية عندما قاما بحفر انفاق الهروب من خلال ملعقة حديديه على مدار اكثر من ثمان أعوام و هو ما حدث بالفعل بالسجن الإسرائيلي جلبوع و هو ما جعل موقف الحكومة الإسرائيلية و وزارة الدفاع في موقف لا تحسد عليه في حين يوجد لدى الفصائل الفلسطينية و خاصه حماس ثلاث جنود اسرى لم تستطيع إسرائيل من استعادتهم او الهروب من قبل تلك الجنود و هو ما تسبب في اهتزاز الصورة الإسرائيلية محليا و دوليا.
نحن نعلم تماما انها ليست الأولى و اعتقد ليست الأخيرة التي يتسنى للأسرى الفلسطينيين الهروب من السجون الإسرائيلية و المشكلة الكبرى لدى إسرائيل أيضا ان الاسرى الهاربون ليسوك اسرى عاديون او سجناء عاديون و لكن هما قيادات عسكرية قاما في السابق بقتل جنود إسرائيليين من خلال التخطيط لعمليات خطف و طعن و قتل بالنسبة لإسرائيل أي المفترض يكونا تحت الحراسة المشددة في طبيعة الحال حيث من ضمن الاسرى الهاربون زكريا الزبيدي وهو احد القيادات السابقون لكتائب شهداء الأقصى و هو من حركة فتح و هو يعد من اخطر القيادات في الحركة عسكريا و هنا تتبلور الصورة بان الاسرى الفلسطينيون الهاربون من جلبوع هما كوكتيل او نسيج او خليط من فتح و حماس و هنا تعد رسالة واضحكه لدولة الكيان باتحاد فتح و حماس او الفصائل الأخرى التابعة للطرفين و هو ما يزعزع الفكر الصهيوني و جعله في حيرة من امره على مدار الفترة القادمة و ما يشكل بصورتها و ام عينها خطر على كيانها و مؤسساتها و مواطني الكيان الصهيوني .
والسؤال الموازي للكوميديا الضاحكة اين كان يذهبا بالرمال التي تم الاستحواذ عليها بعد عمليه الحفر وشق النفق والسعي على تجهيزه لتمكين من عملية الهروب؟؟؟؟ البعض يتحدث عن قيام المجموعة التي نفذت الهروب بقيامهم بألقاء الرمال في دورة المياه للتخلص منها و البعض يتحدث عن إخفاء الرمال داخل ملابسهم بالسجن و التخلص منها عند خروجهم من زنزانة السجن رغم احتواء الاسوار و الساحة على كاميرات مراقبه فضلا عن ذلك الحراسة المشددة عند خروج النزلاء المساجين او المعتقلين..
الامر الذي يدوي في فكرنا ووجداننا واعينا عن مدى الجهد والصبر الذي تمتع به تلك الاسرى الستة وقيامهم ابتداء بعملية التنقيب والحفر للأنفاق التهاء الى عملية التخلص من الرمله التي تاتي عقب اعمال الحفر..
والامر الذي قد نسلط عليه الضوء فيما أشار اليه التحقيقات والنيابة الإسرائيلية و ما جاء بالصحف الإسرائيلية و الكتلة المعارضة ان الاسرى الفلسطينيون السته كان يعلما اين و كيف و متى يتم تنفيذ عمليه الحفر و اين اتجاهاتهم و جهة وصولهم!!!!
و ان ما قاما به من حفر كان طريق موازي لأنابيب الصرف الصحي بالسجن أي على علم بطريقه الحركة و التوجه و بعد مسافه معينه سوف يصل بهم الى بر الأمان او نافذه على العالم الخارجي طبقا لخطه مدروسة و ممنهجه و انها لم تكون بناء على رسم خيالي و لكن كانت مخلال دراسه و تأيدا لذلك السيارات التي كانت في انتظار انتشال الاسرى من مكان الهروب و الاخلاء مجرد وصولهم للمنطقة الأمنه المتفق عليها و طبقا لما شاهدناه على التلفزة المنطقة الزراعية المفتوحة بمساحات شاسعه...
و الدليل على ذلك و هو ما اكتشفته الأجهزة الأمنية لدولة الكيان بعد البحث و التحري ان الشركة التي قامت بتنفيذ اعمال بناء و تشيد السحن و ما عرف باسم "سجن جلبوع " قد قامت بنشر التصميم الهندسي على مواقع التواصل الاجتماعي كنوع من الدعاية الالكترونية و الرقمية كتعريف لها عن اعمالها السابقة و كيفيه تصميمه أمنيا .
و اللغز الاخر الذي قد ادهش الجميع وهو اختيار وقت الغروب وهو مما استوقفني وهو في منتهى الذكاء و بموجب خطه مدروسة أمنيا و استراتيجيا و لوجستيا فضلا عن ذلك رأس السنه العبرية كي يتسنى لهم الهروب و هي الفترة التي يكون جنود دولة الكيان الصهيوني عددهم يقل في وقت من هذا السنه طبقا للإجازات و الاحتفالية برأس السنة العبرية الامر الذي حدا بها تنفيذ العملية بنجاح شديد جدا أذهل به العالم أجمع.
و نعود أدراجنا الى اهميه الاسرى المحتجزين و من هما و ما قيمتهم اتجاه دولة الكيان الصهيوني و خطره على تلك الدولة و الاجابه كالتالي محمود عبدالله العرضه و كما اطلق عليه "أمير أسرى الجهاد" اعتقل لأول مرة بتاريخ 25-8-1992م، ثم اعتقل مرة أخرى بتاريخ 21-9-1996بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي والإشراف والمشاركة في عدد من العمليات البطولية ، وتعرض الأسير عارضة خلال فترة اعتقاله الطويلة للكثير من العقوبات والتضييق وتم عزله عدد من المرات. بسبب عدة محاولات للهروب من السجن والأسير العارضة، محكوم بالسجن المؤبد بالإضافة إلى خمسة عشر عاماً اجمالي الاحكام تسعه و تسعون عاما وهو ينحدر من عائلة كاملها تقطن سجون الاحتلال فضلا عن ذلك شقيقته الأسير أيضا .
الأسير الثاني وهو ايهم كمنجي اعتقاله بتاريخ 4/7/2006 من مدينة رام الله، والحكم عليه بالسجن مدى الحياة و هو يعمل لدى الجهاز الاستخباراتي الفلسطيني و سبق له محاوله الهروب في عام 2014م عن طريق الحفر لكن السلطات الأمنية للكيان اكتشفت اأمره و تم نقله الى زنزانه في الأدوار العليا كي لا يستطيع محاولة خطه الهروب مره أخرى ، و من ثم بعد مرور الوقت تم نقله الى زنزانه بالدور الأرضي ، ثالثا الأسير محمد قاسم أحمد العرضة معتقل منذ عام 2002 و محكوم عليه بالسجن خمسه و تسعون عاما و سجل له هروب بعد اعتقاله بثماني عشر يوما الأولى عندما كان في سجن عوفر و تم القاء القبض عليه بعد قيامه بقتل أو الاشرف على العملية الاستشهادية التي نفذها الاستشهادي سامر شواهنة بتاريخ 29/11/2001م و هو أحد مجاهدي سرايا القدس في انتفاضة الأقصى، وتعرض للاعتقال أكثر من مرة في سجون السلطة الفلسطينية على خلفية نشاطه المقاوم في سرايا القدسو غيرها من عملية معسكر ثمنون ، نأتي الى الأسير الرابع و هو زكريا الزبيدي معتقل منذ 2019 بتهمه اطلاق النار على جنود إسرائيل ، و الأسير الخامس وهو يعقوب قادري و محكموم عليه بالمؤبد من قبل الكيان الصهيوني و هو من الاسرى الذين يصعب عليهم الحركه أي لديه أصابه بالغضروف اسفل الظهر مما اثر على الحركة لديه و انتقاله و مع ذلك استطاع الهروب مع الاخرين و سادسا الأسير يعقوب عبدالجبار معتقل منذ عام 2019 م دون ان يتهم بثمه قضيه واضحه حيث تم اعتقاله من قبل اجهزه الامن الصهويونية بدون أسباب واضحه او تذكر .
وبحسب ما ورد من استنتاجات والتي رجحت على ان الاسرى البالغ عدد سته من المحتمل هروبهم الى المملكة الأردنية الهاشمية او الى الدولة السورية حيث تم تفريقهم الى مجموعات كل اثنين بسيارة أي ثلاث مجموعات وكل فر دين من تلك الاسرى بسيارة على بعد مسافة من جدار السجن..
و الجدير بالذكر ان قوات الاحتلال لم تكتشف هروبهم او حارس أمن قد قام بالإبلاغ عن عملية او رصد عملية الهروب و لكن قادته الصدفة حيث كان متواجد في مكان هروب الاسرى احد المستوطنين و هو يستقل سيارته قد شاهد احد الاسرى و ملابسه مغطاه بالرمال و هيئته قد زرعت الشك و الريبة مما حدا به المباشرة بالاتصالات الى اداره العمليات و الإبلاغ عن مشاهدته احد الأشخاص و شكله عربي شكله مريب و ملابسه كما ذكر سالفا مما دعي الى ابلاغ غرفه العمليات بالواقعة و الانتقال الى مقر المهروب و اكتشاف واقعه الهرب و لكن دون تلك الأسباب كان من المرجح ان تكتشف سلطات الكيان الهروب في اليوم الثاني على اقل تقدير .
و الامر الذي ساعد الاسرى أيضا على الفرار و الهرب هو حملهم للهواتف الذكيه " موبايل " و السؤال الذي يطرح هنا ان اداره سجن جلبوع لم تكتشف أمر تلك الهواتف " و اين الأجهزة الحرب الإلكترونية التي تقوم بالكشف عن أي ارسال او رصد او استقبال لتلك الهواتف من داخل السجن حيث ان بحوزه السجناء الاسرى الهاربون أجهزة خلوية قد قاما بتهريبها الى داخل السجن من الخارج و ذلك بسبب الإخفاق الأمني الذي قد تدنى و الذي تسبب بإنجاح حروب تلك الاسرى ، و كشفت احدى الصحف الإسرائيلية في عمليه هروب سجن جلبوع بان إدارة السجن قد تهاونت مع الكثير من الاسرى في حملهم للهواتف النقالة مقابل الحفاظ على امن و سلامه السجن و المحافظة على حسن السير و السلوك في المقابل للحفاظ على الأسير لحمله للجهاز النقال و عدم مصادرته من قبل إدارة السجن في حين لديها اخطر قيادات حركه فتح و حماس و الفصائل الفلسطينية !!!!
و أيضا السبب الاخر الذي نعول عليه هنا ان جرى العرف بان المساجين من هذا النوع يتم تغير مكانهم طبقا لخطه زمنيه من الحين الى الاخر و لكن ما اتضح لنا جميعا بان الاسرى لكل من حماس و فتح قد اجتمعا سويا بخندق واحد و هو كان احد الأسباب الفاشلة لإدارة السجن ..، كذلك اتضح بعد البحث و التحري ان الاسرى يقطنا بالأساس في مدن قريبه جدا من سجن جلبوع و الامر الذي يستدعي اتخاذه في هذه الحالة هو استبعاد كل من تلك الاسرى بعيدا عن قراهم و لكن إدارة السجن لم تتنبأ لهذه النقطة و انه في حاله هروبه لا يستطيع الاختباء او التواري عن الأنظار و يسهل في هذه الحالة ضبطه و لكن قول الله عز و جل في كتابه الجليل " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " ، فضلا عن ذلك من الإخفاقات هي ان إدارة السجن تحتوى على ثمة سيارة دورية واحدة تقوم بتمشيط الجدار الأمني للسجن هذه من الأسباب الاتي ساعدت الاسرى على الفرار ..
وفي الختام نجد ان ما قام به الاسرى الستة هي سوف تقوم بتشجيع كافة الاسرى سواء من حركتي فتح وحماس الهروب من تلك الاسوار الأسمنتية لتلك السجون والتي قد أدت الى رفع الروع المعنوية و النفسية لكل الفصائل الفلسطينية حيث اصبح الهاربون الست اصبحوا في نظر العالم العربي ابطال قد سطر لهم التاريخ بطوله لا تحدث الا في هوليوود او في الخيال السينمائي و اليوم نشاهدها على ارض الواقع.. وأيضا ما نشاهده اليوم هو اتحاد بين فتح وحماس لم يشهد له التاريخ سابقا في المشهد الفلسطيني منذ انقسامهم تلك الحركتين الفلسطينية ومنذ تولي حماس السلطة في قطاع غزة بعد ان قامت بالتعدي على فتح والسعي في إسقاطهم من اعلى أسطح المنازل في غزه الى القاع والسيطرة على القطاع بأكمله..
اذا عملية الهروب ناجحة و دولة الكيان الصهيوني قد فقدت السيطرة على زمام الأمور في قمع و قهر الملف الفلسطيني و الفصائل و هو مما يساعد على تطهير الأرض و العودة الى حدود 67 و ان لناظره لقريب.


