خاطرة) الروائي محمد فتحي المقداد
وإنّ من الثرثرة لحكمة (خاطرة)
كثيرة هي الثرثرة على كرسي الحلاقة، تبتدئ بالتحيّة والسّلام، وتذهب بعيدًا في مواضيع متباعدة.. متقاربة.. متوافقة.. متنافرة.. معقولة وغير معقولة.. ثرثرة الحلّاق لا تترك مجالًا لعقل الزّبون راحة.. ولا لأعصابه هدوءًا. أليس من الغريب أن يكون العكس، كما حدث معي لمرّاتٍ عديدة من زبون مُتفوّق بدرجات الثرثرة بمقدرة ثلاثة حلّاقين.
فإنّما الأيّام مثلُ السْحّاب.. انتفض الزّبون المُنسجمُ مع أمّ كُلثوم.
بانفعال ظاهرٍ لتقويمي فيما أخطأتُ به؛ فقال: إنّها تقول: إنّما الأيّام مثلُ السّحَاب.
ابتسمتُ له: نعم يا سيّدي: هي الأيّام مثلُ السّحَاب، يومٌ لكَ وآخر عليك، ومددتُ يدي إلى سحّاب فُتحة البنطلون وأنزلته، ثم رفعتُه، لتمثيل حالة الأيّام.. ارتفاعًا وهُبوطًا.
هزّ رأسه مُوافقًا.. والابتسامة ارتسمت على مُحيّاه.
من كتابي (من أول السطر)


